يُعتبَّر ليونيل ميسي هو أحد أكثر اللاعبين شهرةً بين جميع المُشجعين الرياضيين حول العالم، وعلى الرغم من أن بعض الشعوب (مثل الولايات المتحدة الأمريكية) لديها مقاييس خاصة للشخص الرياضي؛ وهي أن يكون طويل القامة، مفتول العضلات، الذي يُمكنه أن يصطدم مع الكثيرين دون أن يقع. ومع ذلك فإن ليونيل ميسي يتمتع بعكس كل هذه الصفات تقريبًا وقد تخطى هذه المعايير ليُصبح اللاعب الأفضل في العالم. ويُعتبَّر ليونيل ميسي هو أحد أكثر اللاعبين المحبوبين الذين شاهدناهم في السنوات العشر الأخيرة لذا فإن الجميع يتساءل ماذا سيفعلون عندما يغادر من أين ستأتي متعة كرة القدم واللحظات البارزة؟
الشيء الغريب الذي يحدث الآن هو أن هناك الكثير من الصحف حول العالم التي تُحاول تشويه صورة ميسي بسبب احداث متسارعة في نادي برشلونة والفاكس الذي أرسله ميسي إلى إدارة النادي مُهددًا بالرحيل إذا لم يتم إعادة الأمور إلى نصابها وتعيين مُدرب جيد، ولكن هذه الموجة من الإنتقادات أثارت موجة أخرى من الدفاع عن ميسي ضد "الأجندة المناهضة له"!
في الحقيقة فإن الكثير مما يعتقده الجمهور لا يوجد على أرض الواقع! فلا توجد أجندة معادية لميسي. ومع ذلك، ففي كل مرة يقول شخص ما شيئًا سلبيًا عن ميسي فإن الناس يقتحمون الأسوار لإلقاء الحجارة على المُنتقدين والدفاع عن نجمهم المُفضَّل! ولكن ظاهرة ميسي (أو ظاهرة البطل بصورة عامة) هي شيء جدير بالمُلاحظة؛ فكيف يُمكن لإنسان – مهما بلغت مهارته – أن يُسحر الملايين من الناس ويجعل منهم مدافعين مُخلصين عنه دون أن يراهم ويرونه بشكلٍ مُباشر.
لماذا يُحب الناس ميسي إلى هذه الدرجة؟
الأبطال أشياء غريبة! ونحن نحتاجهم في كل ركن من أركان حياتنا في السياسة وحقوق الإنسان والرياضة. الأبطال جزء أساسي من جانب الطموح في الطبيعة البشرية الذي يريد تحقيق الأشياء الجيدة بالرغم من التحديات الشديدة. لذا فإننا في كل مرة يلمس فيها ميسي الكرة ننتظر حدوث شيء مذهل! على الرغم من أنه – مثل أي لاعب آخر – قد تم قطع الكرة منه بسهولة، ولم يستطع أن يُسجِّل من المساحات المفتوحة، ولم يُبادر بالتهديف في الكثير من المرات ولكن بالنسبة لنا، هو ميسي وسيكون دائما هكذا! نحن بحاجة إلى أبطال، ونحتاج أيضًا إلى أشياء نحارب لأجلها، لذلك نحن نصنعهم وهذه هي الطبيعة البشرية.
لقد قيل من قبل ويستحق أن يُقال مرة أخرى بأن ميسي لا يحتاج إلى مَن يدافع عنه وميسي بخير! وهو على مستوى عالٍ من اللياقة والإحتراف وقادر على أداء كافة المهام ووضعه في اللعبة آمن، ولكن ما غير آمن هو الحب. فالحب يحتاج إلى رد فعل لكي يقفز المشجع للدفاع عن لاعب لا يحتاج في الأصل إلى هذا الدفاع!
ميسي يكره تسليط الأضواء عليه!
هناك قاسم مشترك بين النجوم المحبوبين في كل المجالات وهو أنهم "يكرهون الأضواء"، فالإعلام يُريد الحصول من النجم على انفراد خطير، أو تصريح مُزلزل لإثارة الجدل، وتحقيق نسب مُشاهدات عالية، وجذب الجماهير لمُشاهدة الإعلانات ومن ثم تحقيق الأرباح! وإذا كان هناك نجمًا تراه ضيفًا دائمًا لوسائل الإعلام فيجب أن تعرف بأنه قد دخل في دوامة "التصريح الذي فُهِمَ بشكلٍ خاطئ" و"حق الرد" و"التوضيح" ثم "المزيد من التصريحات المُثيرة"!
أما ميسي فهو يكره تسليط الضوء عليه وقليلًا ما يتكلم، وقد رأينا له مقتطفات من وسائل التواصل الاجتماعي تُظهِر أنه يعيش حياة مثالية رفقة أطفاله وكلبه. لكن يبدو أن هذه الحياة الهانئة هي بالنسبة لوسائل الإعلام مياهًا راكدة لابد من إلقاء حجر فيها لذا فقد ظهرت أخبار عن أن ميسي يكره رئيس النادي ويُريد أن يجد مكانًا أفضل للعب فيه ولكنه قلق بشأن انتقال عائلته لذا فإنه باقٍ في برشلونة غصبًا! أظهرت الصُحف أن ميسي يتذمر علنًا بشأن رئيسه، وهو غير منتظم في أدائه أثناء العمل.
في رأيي أن ميسي يعرف أفضل من أي شخص حدود قدراته وطموحاته وهو لن يبقى في برشلونة ثانية واحدة إذا كان يعتقد بأن النادي لا يفي بمعاييره الخاصة. لذا فإن كل هذه الأخبار المتوالية لا تعدو أن تكون مُجرد أشياءً مبنية على العاطفة وليس العقل؛ أي أن ميسي قد يكون مُضجرًا من الهزيمة الثقيلة التي تلقاها فريقه في دوري الأبطال ولكن هذا لا يعني أنه سوف يترك فريقه.
ميسي يتقدم بالعمر
من الجميل أن يتقدم الأبطال في العمر فهم يمنحون الأجيال ذكريات مُشتركة، ويشعرونهم بأن هناك نوع ما من العلاقة يربطهم، لذلك فيجب على ميسي أن يُكمِل مشواره في نادي برشلونة إلى أن يعتزل!
فعندما عاد مايكل جوردان من اعتزاله بقميص مختلف في فريق مختلف كان ذلك خطأ، وغريب بالنسبة للمُشجعين لذا فإن جوردان أوقف هذه التجربة قبل أن يتسبب في الكثير من الضرر، وهذه هي الخطوة الصحيحة.
فمن الناحية النفسية، نريد ألا يكبر أبطالنا أبدًا حتى إذا كانوا يكبرون بالفعل لكن لا يمكننا فعل الكثير للحيلولة دون مرور السنوات. وهنا يأتي دور الحب وعلم النفس؛ فميسي لم يكن محبوبًا أكثر مما هو عليه الآن وذلك لأن هذا العشق مشوبًا بالحزن على حقيقة أنه سوف يعتزل قريبًا!
فإذا لم تشعر بالألم من الإصابة التي تسبب بها سيرجيو راموس لميسي في وقت متأخر من الكلاسيكو فقلبك متحجر! فنحن نتشبث دائمًا بالأشياء التي نعشقها لأننا نشعر أنها ستتلاشى قريبًا وهذا جزء من كونك إنسانًا.